سورة يونس - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


{إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)}
خصّ المتقين لأنهم يحذرون العاقبة فيدعوهم الحذر إلى النظر والتدبر.


{إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)}
{لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا} لا يتوقعونه أصلاً، ولا يخطرونه ببالهم لغفلتهم المستولية عليهم، المذهلة باللذات وحبّ العاجل عن التفطن للحقائق. أو لا يأملون حسن لقائنا كما يأمله السعداء أو لا يخافون سوء لقائنا الذي يجب أن يخاف {وَرَضُواْ بالحياة الدنيا} من الآخرة، وآثروا القليل الفاني على الكثير الباقي، كقوله تعالى: {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة} [التوبة: 38]. {واطمأنوا بِهَا} وسكنوا فيها سكون من لا يزعج عنها، فبنوا شديداً وأمّلوا بعيداً.


{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)}
{يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} يسدّدهم بسبب إيمانهم للاستقامة على سلوك السبيل المؤدّي إلى الثواب، لذلك جعل {تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الأنهار} بياناً له وتفسيراً، لأنّ التمسك بسبب السعادة كالوصول إليها، ويجوز أن يريد: يهديهم في الآخرة بنور إيمانهم إلى طريق الجنة، كقوله تعالى: {يَوْمَ تَرَى المؤمنين والمؤمنات يسعى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وبأيمانهم} [الحديد: 12] ومنه الحديث: «إنّ المؤمن إذا خرج من قبره صُوِّر له عمله في صُوِّر حسنة، فيقول له: أنا عملك، فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة وأما الكافر إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة فيقول له أنا عملك فينطلق به حتى يدخله النار» فإن قلت: فلقد دلّت هذه الآية على أنّ الإيمان الذي يستحق به العبد الهداية والتوفيق والنور يوم القيامة، هو إيمان مقيد، وهو الإيمان المقرون بالعمل الصالح، والإيمان الذي لم يقرن بالعمل الصالح فصاحبه لا توفيق له ولا نور.
قلت: الأمر كذلك. ألا ترى كيف أوقع الصلة مجموعاً فيها بين الإيمان والعمل، كأنه قال: إنّ الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح، ثم قال: بإيمانهم، أي بإيمانهم هذا المضموم إليه العمل الصالح، وهو بين واضح لا شبهة فيه {دَعْوَاهُمْ} دعاؤهم، لأنّ {اللَّهم} نداء لله ومعناه: اللَّهم إنا نسبحك، كقول القانت في دعاء القنوت: اللَّهم إياك نعبد ولك نصلّي ونسجد. ويجوز أن يراد بالدعاء: العبادة {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله} [مريم: 48] على معنى: أن لا تكليف في الجنة ولا عبادة، وما عبادتهم إلاّ أن يسبحوا الله ويحمدوه، وذلك ليس بعبادة، إنما يلهمونه فينطقون به تلذذاً بلا كلفة، كقوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ البيت إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35]. {وَءَاخِرُ دعواهم} وخاتمة دعائهم الذي هو التسبيح {أَنِ} يقولوا: {الحمد للَّهِ رَبّ العالمين}. ومعنى {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سلام} أنّ بعضهم يحيي بعضاً بالسلام. وقيل: هي تحية الملائكة إياهم، إضافة للمصدر إلى المفعول. وقيل: تحية الله لهم. وأن هي المخففة من الثقيلة، وأصله: أنه الحمد لله، على أن الضمير للشأن كقوله:
أَنّ كُلَّ هالِكٌ مَنْ يَحْفَي وَيَنْتَعِلُ ***
وقرئ: {أَنَّ الحمدَ لله} بالتشديد ونصب الحمد.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8